زور. وهذا تهديد شديد، ووعيد أكيد بالعذاب، ودليل على أن الادعاء من غير برهان وإثبات جريمة.
واستدلّ بهذه الآية:{هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ} من قال بتفضيل الملائكة على البشر.
ثم أورد الله تعالى شبهة أخرى للمشركين، ولونا آخر من ألوان افتراءاتهم، فقال:
{وَقالُوا: لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ} أي قال الكفار: لو أراد الله ما عبدنا هذه الملائكة، فإنه قادر على أن يحول بيننا وبين عبادة هذه الأصنام التي هي على صور الملائكة التي هي بنات الله، ويريدون بذلك القول أن الله راض عن عبادتهم للأصنام. وهو احتجاج بالقدر، وكلمة حق يراد بها باطل، لأن المشيئة لا تستلزم الأمر، إذ هي ترجيح بعض الممكنات على بعض بحسب علمه، والله يأمر بالخير والإيمان، ونحن لا نعلم مشيئته أو إرادته إلا بعد وقوع الفعل منا.
وقد جمعوا في هذا القول بين أنواع كثيرة من الخطأ والكفر كما ذكر ابن كثير:
١ - جعلهم لله تعالى ولدا، تقدّس وتنزّه عن ذلك.
٢ - دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين، إذ زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى.
٣ - عبادتهم لهم بلا دليل ولا برهان ولا إذن من الله عزّ وجلّ، بل بمجرد الأهواء وتقليد الأسلاف، وتخبّط الجاهلية.
٤ - احتجاجهم بتقدير الله ذلك، وتقديرهم على طريقتهم قدرا، وهذا جهل شديد، فإن الله منذ أن بعث الرّسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته وحده