قالوا: لقد وجدنا آباءنا على طريقة ساروا عليها في عبادتهم الأصنام، وإنا سائرون على منهجهم مهتدون بهديهم. وهذا اعتراف صريح منهم بأنه ليس لهم مستند ولا حجّة عقلية ولا نقلية على الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد واتّباعهم في الضّلالة. وقولهم:{وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ} -أي وراءهم- {مُهْتَدُونَ} مجرد دعوى منهم بلا دليل.
ثم أبان الله تعالى تشابه الأمم في الكفر والتّقليد والمقالة، فقال:
{وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قالَ مُتْرَفُوها: إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ، وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ} أي إن مقال هؤلاء قد سبقهم إليه أشباههم من الأمم السالفة المكذّبة للرّسل، فمثل تلك المقالة قال المترفون المنعّمون-وهم الرؤساء والزّعماء والجبابرة-من كل أمّة لرسولهم المرسل إليهم للإنذار من عذاب الله: إنّا وجدنا آباءنا على ملّة ودين، وإنّا على طريقتهم سائرون متبعون.
وخصص المترفين تنبيها على أن التّنعم هو سبب المعارضة وإهمال النّظر وترك التفكّر في مضمون الرّسالة الإلهية.