٢ - يتعلق المشركون عادة بشبه واهية، فتراهم يسلكون مسلك الغوغائية، فيضجون ويصيحون إذا وجدوا شبهة يمكن التعلق بها في الظاهر، فلو تأمل ابن الزبعرى الآية ما اعترض عليها، لأنه تعالى قال:{وَما تَعْبُدُونَ} ولم يقل:
ومن تعبدون، وإنما أراد الأصنام ونحوها مما لا يعقل، ولم يرد المسيح ولا الملائكة، وإن كانوا معبودين.
٣ - يعتمد المشركون على الجدل السوفسطائي الذي يفقد الموضوعية والهدف، فهو جدل بالباطل، لذا قالوا: آلهتنا خير أم عيسى؟ وما ضربوا هذا المثل للنبي صلّى الله عليه وسلّم إلا بقصد إرادة الجدل غير الهادف، الذي أريد به الغلبة في الكلام، لا طلب الفرق بين الحق والباطل.
والحق التفرقة بين نوعين من الجدل: الجدل لتقرير الحق، وهذا محمود، والجدل لتقرير الباطل، وهذا مذموم، قال تعالى:{ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}[غافر ٤/ ٤٠].
٥ - إن جميع الأنبياء والرسل صرحوا لأقوامهم أنهم بشر عبيد لله تعالى، فلا يصح رفع أحد عن المنزلة البشرية كسائر الناس، وعلى هذا فإن عيسى عليه السلام ذو طبيعة بشرية، وليست إلهية كما يزعم النصارى، وما هو إلا عبد كسائر عبيد الله أنعم الله عليه بالنبوة، وجعل خلقه من غير أب آية، وعبرة لبني إسرائيل والنصارى، يستدل بها على قدرة الله تعالى، وكان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص والأسقام كلها بإذن الله، ولم يجعل هذا لغيره في زمانه، وكان بنو