{يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ، وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ، وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ، وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ} أي لكم في الجنة أنواع مختلفة من المطاعم والمشارب، يقدم فيها الطعام والشراب بآنية الذهب، والكوب: كوز لا عروة له. ولكم فيها من ألوان الأطعمة والأشربة وغيرها من الألبسة والمسموعات كل ما تطلبه النفوس وتهواه كائنا ما كان، وكل ما يمتع الأعين من المستلذات والمشاهد والمناظر الخلابة، وأسماها النظر إلى وجه الله الكريم من غير حصر ولا كيف، وأنتم فيها ماكثون على الدوام، لا تموتون ولا تخرجون منها، ولا تبغون عنها تحولا.
وسبب هذا الجزاء عملهم الصالح، فقال تعالى:
{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي إن تلك الجنة بما فيها من ألوان النعيم صارت إليكم كما يصير الميراث إلى الوارث، بسبب ما كنتم تعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كل أهل النار يرى منزله من الجنة حسرة، فيكون له، فيقول: لو أن الله هداني لكنت من المتقين، وكل أهل الجنة يرى منزله من النار، فيقول: وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فيكون له شكرا» ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافر يرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة، وذلك قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}». وبعد ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لإتمام النعمة، فقال تعالى:
{لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ، مِنْها تَأْكُلُونَ} أي لكم في الجنة غير الطعام