ذلك بأنه {رَسُولٌ أَمِينٌ} قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته، وهذا هو الظاهر المناسب لأصول دعوة الرسول قومه وللكلام الآتي بعده، أما إطلاق بني إسرائيل فهو مطلب فرعي ثانوي بالنسبة لأصل الدعوة.
{وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ، إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} أي لا تتجبروا ولا تتكبروا عن اتباع آيات الله، والانقياد لبراهينه، ولا تترفعوا عن طاعته ومتابعة رسله، كقوله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي، سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}[غافر ٦٠/ ٤٠] إني آتيكم بحجة ظاهرة واضحة لا سبيل إلى إنكارها، وهي ما أرسله الله تعالى به من الآيات البينات والمعجزات القاطعات كالعصا واليد وسائر الآيات التسع، فهددوه بالرجم كما قال تعالى:
{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} أي أستعيذ بالله وألتجئ إليه وأتوكل عليه مما تتوعدوني به من القتل بالحجارة أو الإيذاء والشتم.
{وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} أي وإن لم تصدّقوني وتقرّوا بنبوتي وبما جئتكم به من عند الله، فاتركوني، ولا تتعرضوا لي بأذى إلى أن يحكم الله بيننا.
فلما يئس من إيمانهم، ولمس إصرارهم على الكفر وعنادهم، دعا عليهم فقال:
{فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ} أي فدعا موسى ربه حين كذبوه وهمّوا بقتله بأن هؤلاء قوم مكذبون رسلك مشركون بك، كما جاء في آية أخرى: