٣ - دل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} على أن الكفار معرضون عن هذه الدلائل، غير ملتفتين إليها، وهذا كما ذكر الرازي يدل على وجوب النظر والاستدلال، أي لتكوين العقيدة وتصحيحها، وعلى أن الإعراض عن الدليل مذموم في الدين والدنيا.
٤ - بعد إثبات أصول العقيدة الثلاثة المتقدمة، فرّع الله تعالى عنها التفاريع، فرد على عبدة الأصنام بأنها عديمة القدرة على خلق الأشياء، وغير عالمة أصلا بعبادة الوثنيين لها، وكل من الأمرين ينفي صلاحيتها للعبادة، فهي لا قدرة لها أصلا على الخلق والفعل، والإيجاد والإعدام، والنفع والضر، وهي جمادات لا تسمع دعاء الداعين، ولا تعلم حاجات المحتاجين، وإذا انتفى العلم والقدرة من كل الوجوه، لم يبق مسوغ للعبادة ببديهة العقل، فهي لا تضر ولا تنفع.
ثم وبخ الله تعالى عبدة الأصنام، وأبان لهم أنه لا أحد أضل وأجهل ممن يعبد الأوثان، وهي إذا دعيت لا تسمع، ولا يتصوّر منها الإجابة لا في الحال، ولا بعد ذلك إلى يوم القيامة.
٥ - أرشد قوله تعالى:{أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} إلى جواز الاعتماد على الخط المكتوب، وكان الإمام مالك رحمه الله يحكم بالخط إذا عرف الشاهد خطه، أو عرف الحاكم خطه أو خط من كتب إليه، فيحكم به، ثم رجع عن ذلك حين ظهر في الناس ما ظهر من الحيل والتزوير، وقد روي عنه أنه قال:«يحدث الناس فجورا، فتحدث لهم أقضية».
ولكن أجاز مالك الأخذ بشهادة الشهود على أن هذا خط الحاكم وكتابه، وكذلك الوصية، أو خط الرجل باعترافه بمال لغيره يشهدون أنه خطه، ونحو ذلك.
٦ - قال ابن العربي: إن الله تعالى لم يبق من الأسباب الدالة على الغيب