للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - النبي صلّى الله عليه وسلّم غير عالم بالغيبيات إلا بطريق الوحي، فلا وجه لطلب إخباره بمغيبات لا يعلم بها، فهو لا يدري بما يفعل به ولا بالناس من أحوال الدنيا وأحوال الآخرة، من الأحكام والتكاليف وما يؤول أمر المكلفين إليه. وبه يعلم أن ما يدّعى من علم بعض الأولياء بالغيب هو أمر باطل وكذب مفترى.

لكن نظرا لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم كونه نبيا، فهو يعلم أنه لا تصدر عنه الكبائر، وأنه مغفور له، وقد تأكد هذا بقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ} [الفتح ٢/ ٤٨] وقوله سبحانه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} [الفتح ٥/ ٤٨] وقوله عز وجل:

{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً} [الأحزاب ٤٧/ ٣٣].

٦ - لا نسخ في آية: {وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} لما

ذكر الواحدي وغيره عن ابن عباس: لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء، فقصّها على أصحابه، فاستبشروا بذلك، ورأوا فيها فرجا مما هم فيه من أذى المشركين، ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك، فقالوا: يا رسول الله، متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت؟ فسكت النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله تعالى: {وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} أي لا أدري أأخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا، ثم قال: «إنما هو شيء رأيته في منامي، ما أتبع إلا ما يوحى إلي» أي لم يوح إليّ ما أخبرتكم به. قال القشيري: فعلى هذا لا نسخ في الآية.

٧ - دلت آية {قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.}. على إنذار المشركين الظالمين بعذاب أليم إذا استمروا في تكذيبهم بالقرآن، وتكبروا عن الإيمان به وعن اتباعه وطاعة الرسول المنزل عليه، بالرغم من شهادة رجل منصف عارف بالتوراة بأن القرآن حق، سواء أكان عبد الله بن سلام أم موسى عليه السلام. وعلى كل حال فهذه الآية بشارة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في التوراة وعلى لسان موسى عليه السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>