الأشرار من الجن والإنس مراتب ومنازل عند الله يوم القيامة إما عليا وإما دنيا، من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منها، وليوفيهم جزاء أعمالهم، المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وهم لا يظلمون شيئا بنقص ثواب، أو زيادة عقاب، ولا يظلمهم الله مثقال ذرة فما دونها.
والدرجات: بمعنى المنازل والمراتب تشمل درجات أهل الجنة العالية، ودركات أهل النار النازلة، لكنه عبر بالدرجات للتغليب، إذ الثواب درجات، والعقاب دركات.
وبعد بيان إيصال الحق لكل أحد، بيّن الله تعالى أولا أحوال العقاب وأهوال القيامة التي يتعرض لها الكافرون، فقال:
{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ، أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها، فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} أي واذكر أيها النّبي لقومك حين تعرض النار على الكفار، أي يعذبون فيها، أو يوم ينكشف الغطاء، فينظرون إلى النار، ويقربون منها، فيقال لهم تقريعا وتوبيخا: استوفيتم وأخذتم لذائذكم في الدنيا، وتمتعتم بها، باتباع الشهوات واللذات في معاصي الله سبحانه، دون مبالاة بالذنب، وتكذيبا منهم لما جاءت به الرسل من الوعد بالحساب والعقاب والثواب، فلم يبق لكم بعد استيفاء حظوظكم شيء منها، ففي هذا اليوم تجازون بالعذاب الذي فيه ذلّ لكم، وخزي عليكم، وإهانة، بسبب تكبركم عن عبادة الله والإيمان به وتوحيده، وخروجكم عن طاعة الله وعملكم بمعاصيه.
وهكذا جوزوا من جنس عملهم، فكما متعوا أنفسهم، واستكبروا عن اتباع الحق، وتعاطوا الفسق والمعاصي، جازاهم الله تبارك وتعالى بعذاب الهون، وهو الإهانة والخزي والآلام الموجعة، والحسرات المتتابعة في دركات جهنم، أعاذنا الله منها.