٧ - إن وسائل التعذيب الربانية يضعف ويصغر أمامها كل الناس سواء أكانوا عتاة طغاة أشداء أم دون ذلك، ولقد أنذر الله بهذا العقاب أهل مكة وخوّفهم، وأبان لهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة، وأكثر أموالا وأولادا، وآثارا حضارية وعمرانية في الأرض.
٨ - لم يعذب الله قوما بعذاب الاستئصال إلا بعد أن طغوا وبغوا واستكبروا في الأرض بغير الحق، وعطلوا طاقات المعرفة والهدى، ووسائل التفكير والنظر والتأمل، وإذ عطلوها لم تنفعهم شيئا من عذاب الله، لأنهم كانوا يجحدون بآيات الله، ويكفرون بها، فأحاط بهم ما كانوا يستهزئون به من العذاب الإلهي الذي أنذروا به.
٩ - ضرب الله مثلين واضحين لكفار مكة في هذه الآيات، المثل الأول- قوم عاد، والمثل الثاني-ما حولهم من أهل القرى، كديار ثمود وقرى لوط وبلاد مدين، مما كان يجاور بلاد الحجاز على طريق الشام، وكانت أخبارهم متواترة معروفة عندهم، وكذا أهل سبأ باليمن، وكانوا يمرون على ديارهم في رحلاتهم بالصيف والشتاء.
١٠ - إن عدل الله مطلق، فإنه تعالى لم يهلك أولئك الأقوام إلا بعد أن أقام لهم الحجج والدلالات، وأنواع البينات والعظات ليرجعوا عن كفرهم، فلم يفعلوا، وأصروا على الكفر والعناد.
١١ - لقد بات مؤكدا لمن كان عنده أدنى نظر وتأمل أن الآلهة المزعومة من الأصنام وغيرها لم تنفع عابديها بمنع العذاب عنهم في الدنيا، فكذلك لن تنفعهم بالشفاعة لهم في الآخرة، حيث قالوا:{هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ}[يونس ١٨/ ١٠] فإن تلك الآلهة ضلت وغابت عنهم وقت الشدة والمحنة، وهي إفكهم وكذبهم في قولهم: إنها تقربهم إلى الله زلفى، وافتراؤهم بأنها آلهة، أو أن