للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسل، يرشد إلى الدين الحق، وإلى طريق الله القويم في العقائد والعبادات والأعمال والأخبار.

ولم يذكروا عيسى عليه السلام إما لأنه كما قال عطاء: كانوا يهودا فأسلموا، وإما لأن عيسى أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ‍ ورقائق أدبية إنسانية، وقليل من التحليل والتحريم، وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة، فالعمدة في التشريع لليهود والنصارى على السواء هو التوراة، فلهذا قالوا: أنزل من بعد موسى.

وهكذا

قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلّى الله عليه وسلّم بقصة بدء نزول الوحي عليه ونزول جبريل عليه السلام أول مرة، فقال: «هذا الناموس (١) الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا (٢) إذ يخرجك قومك».

والخلاصة: أنهم خصوا التوراة، لأنها مصدر الشرائع والأحكام في الماضي، ولأنها متفق عليها عند أهل الكتاب.

{يا قَوْمَنا، أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ} أي يا قومنا الجن، أجيبوا رسول الله خاتم النبيين أو القرآن إلى توحيد الله وعبادته وطاعته، يغفر لكم بعض ذنوبكم التي هي من حقوق الله، أما حقوق العباد فلا تسقط‍ إلا بتنازل أصحابها عنها، وكذلك يحميكم ويقيكم وينقذكم من عذاب موجع مؤلم هو عذاب النار، ويدخل المؤمن منكم الجنة، لقوله تعالى:

{وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} [الرحمن ٤٦/ ٥٥ - ٤٧].

وفي الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلّم إلى الثقلين: الجن والإنس، حيث دعاهم إلى الله تعالى، وقرأ عليهم سورة الرحمن التي فيها خطاب


(١) ناموس الرجل: أمين السر، أو صاحب السر الذي يطلعه على باطن أمره ويخصّه بما يستره عن غيره، وأهل الكتاب يسمون جبريل عليه السلام النّاموس.
(٢) أي شابا جلدا قويا.

<<  <  ج: ص:  >  >>