للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ‍ أنهم حين عمموا الأمر بإجابة الداعي خصصوه بقولهم: {وَآمِنُوا بِهِ} لأن الإيمان أشرف أقسام التكاليف. وخصصوا المغفرة ببعض الذنوب، لأن من الذنوب ما لا يغفر بالإيمان كالمظالم.

٨ - دلت هذه الآي على أن الجن كالإنس في الأمر والنهي والثواب والعقاب. وقال الحسن البصري: ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار، وكذا قال أبو حنيفة، ليس ثواب الجن إلا أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم:

كونوا ترابا مثل البهائم. وقد أجبت عن هذا في تفسير الآيات، لذا ذهب مالك والشافعي وابن أبي ليلى والضحاك إلى أن الجن كما يعاقبون في الإساءة، يجازون في الإحسان مثل الإنس. قال القشيري: والصحيح أن هذا مما لم يقطع فيه بشيء، والعلم عند الله. وقال القرطبي: قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} [الأنعام ١٣٢/ ٦] يدل على أنهم يثابون ويدخلون الجنة، لأنه قال في أول الآية: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي} [الأنعام ١٣٠/ ٦] إلى أن قال: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} (١). وقال النيسابوري: «والصحيح أنهم في حكم بني آدم، يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون» (٢).

٩ - إن من لا يجيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليس بمعجز لله في الأرض فلا يفوته ولا يسبقه ولا يهرب منه، وليس له من دون الله أنصار يمنعونه من عذاب الله، وهو من الضالين المخطئين في ضلال واضح.


(١) تفسير القرطبي: ٢١٧/ ١٦ وما بعدها.
(٢) غرائب القرآن: ١٧/ ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>