ويضايقونه ويوغرون صدره الشريف، فتكون كلمة من للتبعيض.
وفي قول آخر: إن كل الرسل أولو عزم، ولم يبعث الله رسولا إلا إذا كان ذا عزم وحزم، ورأي وكمال وعقل، فتكون كلمة من للتبيين لا للتبعيض.
وفي قول: كل الأنبياء أولو عزم إلا يونس بن متّى، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهي أن يكون مثله، لخفة وعجلة ظهرت منه حين ولّى مغاضبا لقومه.
وهل الأمر بالصبر منسوخ؟ قال بعض المفسرين: الآية منسوخة بآية السيف، وقيل: محكمة، قال القرطبي: والأظهر أنها منسوخة، لأن السورة مكية. وذكر مقاتل: أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد، فأمره الله عز وجل أن يصبر على ما أصابه، كما صبر أولو العزم من الرسل، تسهيلا عليه وتثبيتا له.
والراجح لدي أنها غير منسوخة، لأن فضيلة الصبر ذات قيمة أدبية رفيعة، ومبدأ أخلاقي ضروري وسام في كل وقت، ومثل هذا لا يصلح للنسخ. والصبر لا يمنع الجهاد ورد العدوان وقتال الأعداء من المشركين وغيرهم، فهو أمر مطلوب في السلم والحرب.
٤ - أمر الله نبيه والمؤمنين أيضا من بعده بعدم الاستعجال في الدعاء على الكفار، فلكل شيء أو ان بعلم الله وحكمته، والعذاب منهم قريب، وأنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر. والسنة في الدعاء طلب الوقاية من السوء والأذى،
أخرج الطبراني عن أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو:«اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل برّ، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا همّا إلا فرّجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين».