للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-وفيها أنهار من حليب لم يحمض كما تتغير ألبان الدنيا، وهو في غاية البياض والحلاوة والدسومة،

ورد في حديث مرفوع: «لم يخرج من ضروع الماشية» وثنّى باللبن، لأنه ضروري للناس كلهم، وهو غذاء كامل ومطعوم شهي.

-وفيها أنهار من خمر لذيذة الطعم، طيبة الشرب، ليست كريهة الطعم والرائحة أو مرّة كخمر الدنيا، بل حسنة المنظر والطعم والرائحة: {لا فِيها غَوْلٌ، وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} [الصّافات ٤٧/ ٣٧]، {لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ} [الواقعة ١٩/ ٥٦]، أي ليس فيها ضرر ولا مادة مسكرة تزيل العقل، ولا يصيب شاربها صداع، ولا يذهب عقله، وإنما هي لذيذة للشاربين: {بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ} [الصّافات ٤٦/ ٣٧].

ورد في حديث مرفوع: «لم يعصرها الرجال بأقدامهم». وذكرت في المرتبة الثالثة، لأنها ليست ضرورية، وإنما فيها متعة ذوقية، فهي لذيذة الطعم، طيبة الشرب، لا يتكرهها الشاربون، وتناولها للذة بعد حصول الري والمطعوم.

-وفيها أنهار من عسل في غاية الصفاء، وحسن اللون والطعم والريح، لم يخالطه شيء من الشمع والقذى والعكر والكدر،

ثبت في حديث مرفوع: «لم يخرج من بطون النحل». وذكر في المرتبة الرابعة، لأنه ليس ضروريا وإنما جمع بين مختلف الطعوم والإحساسات الذوقية المرغوبة، ولا شكّ أن الحلو أطيب الطعوم، والعسل أرقاها، وفيه فوائد كثيرة للجسد: {فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ} [النحل ٦٩/ ١٦]، ففيه الشفاء في الدنيا بعد المشروب والمطعوم، وفيه الخير في الآخرة.

وإنما ذكر الله تعالى هذه الأجناس الأربعة من الأنهار، لأنها جمعت بين الضرورة (الماء) والحاجة (اللبن) والمتعة (الخمر غير المسكرة) والعلاج النافع (العسل).

<<  <  ج: ص:  >  >>