بل إنكم تحسدوننا في المشاركة في الغنيمة، والحسد لا غيره هو الذي يمنعكم من الإذن لنا في الخروج معكم.
فأجابهم الله تعالى بقوله:
{بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاّ قَلِيلاً} أي ليس الأمر كما زعموا أمر حسد منكم على أخذهم شيئا من الغنيمة، بل لأنهم لا يفهمون إلا فهما قليلا، والمراد:
لا يفهمون شيئا من أمور الدين وهو جعل القتال لله تعالى، وإصلاح النية له، وصدق الإيمان به، وإن كانوا يعلمون ويفهمون أمور الدنيا.
وهذا دليل على أن محاولتهم نقض حكم الله تعالى، واتهام المؤمنين بالحسد صادر عن جهل وقلة تدبر ووعي، وإنهم قوم ماديون لا يعرفون إلا الدنيا.
وقد دعوتهم إلى القتال باستثناء أصحاب الأعذار إن كانوا صادقين في طلب المشاركة مع المؤمنين.
ثم أبان الله تعالى أن ميدان القتال متسع ما يزال مفتوحا إن أرادوا إثبات إخلاصهم مع النبي صلّى الله عليه وسلّم والذين آمنوا، فقال:
{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ: سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ، تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} أي قل أيها النبي لهؤلاء المخلفين من الأعراب إن أرادوا الانتماء إلى الصف الإسلامي بحق وصدق: ستندبون إلى قتال قوم أولي شدة وصلابة ونجدة، تخيرونهم بين أحد أمرين: إما المقاتلة أو الإسلام لا ثالث لهما، وهذا حكم الكفار الذين لا عهد بينهم وبين المسلمين بعقد الجزية ونحوها، ويشمل مشركي العرب والمرتدين وغير العرب.
أما المفسرون فذكروا أربعة أقوال في تعيين أولئك القوم وهي:
أ-هوازن وغطفان يوم حنين، وكان قتالهم بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.