ثم تحدثت عن الآداب الاجتماعية العامة: وهي المتصلة بعلاقات الناس بعضهم مع بعض، مما فيه تقرير فضيلة وذم رذيلة، لإقامة دعائم المجتمع الفاضل.
فأمرت المؤمنين بالتثبّت من الأخبار وعدم الإصغاء للإشاعات التي يروجها الفسّاق ويتناقلونها:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ.}. وأشادت بمقتضى الإيمان، وكرّهت الكفر والفسوق والعصيان.
ثم أبانت طريق فض المنازعات الداخلية بين فئتين متقاتلتين من المؤمنين وهو الإصلاح، وقتال الفئة الباغية (البغاة) حتى تعود لصف الجماعة والوحدة:
{وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وأعلنت قيام رابطة الإخاء والود بين المؤمنين، وحذرت من تفكك الجماعة المؤمنة وإثارة النزاع بين أفرادها، وتوليد الأحقاد والضغائن والكراهية بسبب السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب، سواء بين الرجال أو النساء، أو بسبب سوء الظن بالمسلم والتجسس (تتبع العورات) والغيبة والنميمة.
ثم أعلنت مبدأ الإخاء الإنساني، والمساواة بين الشعوب والأفراد من مختلف الأجناس والألوان والعناصر، فلا عداوة ولا طبقية ولا عنصرية، وإنما التفاضل بالتقوى والعمل الصالح ومكارم الأخلاق.
وختمت السورة بالكلام عن الأعراب، فميّزت بين الإيمان والإسلام، وذكرت غرر صفات المؤمنين وشروط المؤمن الكامل (الإيمان بالله ورسوله، والجهاد بالمال والنفس في سبيل الله) وعابت المنّ على الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالإسلام، ووضعت ضابط احترام القيم الدينية والأخلاقية، وهو رقابة الله جل جلاله لعباده، وعلمه بغيب السموات والأرض وأهلهما، وبصره بجميع أعمال الخلق.