بصيغة الجمع، لأن أغلب السخرية تكون في مجامع الناس، فقال: ولا يسخر نساء من نساء، فلعل المسخور منهن يكنّ خيرا من الساخرات.
ولا يقتصر النهي على جماعة الرجال والنساء، وإنما يشمل الأفراد، لأن علة النهي عامة، فتفيد عموم الحكم لعموم العلة.
أخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» فالتميز إنما يكون بإخلاص الضمير، ونقاء القلب، وإخلاص الأعمال لله عز وجل، لا بالمظاهر والثروات، ولا بالألوان والصور، ولا بالأعراق والأجناس.
٢ - النهي عن الهمز واللمز، أي التعييب بقول أو إشارة خفية:
{وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا تلمزوا الناس، ولا يطعن بعضكم على بعض، ولا يعب بعضكم بعضا بقول أو فعل أو إشارة. وقد جعل الله لمز بعض المؤمنين لمزا للنفس، لأنهم كنفس واحدة، فمتى عاب المؤمن أخاه، فكأنما عاب نفسه، وهذا مثل قوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء ٢٩/ ٤] أي لا يقتل بعضكم بعضا.
أخرج أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكى عينه اشتكى كله».
والهماز اللماز مذموم ملعون، كما قال تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة ١/ ١٠٤]. والهمز يكون بالفعل، واللمز يكون بالقول، وقد عاب الله من اتصف بذلك في قوله:{هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ}[القلم ١١/ ٦٨] أي: يحتقر الناس ويهمزهم طاعنا بهم، ويمشي بينهم بالنميمة وهي اللمز بالمقال (١).
(١) انظر الفروق للقرافي: الفرق بين قاعدة الغيبة وقاعدة النميمة والهمز واللمز: ٢٠٩/ ٤