للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلّى الله عليه وسلّم أسرعا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: على رسلكما، إنها صفية بنت حييّ، قالا: سبحان الله، يا رسول الله! قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو سوءا» (١).

أما من يجاهر بالخبائث أو يتعاطى الريب، فلا يحرم إساءة الظن به، فليس الناس أحرص منه على نفسه، وقد أمر الله أن يتجنب الإنسان مواضع الريبة ومواقف التهم.

الثالث-ظن مندوب إليه: كإحسان الظن بالأخ المسلم، وإساءة الظن إذا كان المظنون به ظاهر الفسق،

قال صلّى الله عليه وسلّم: «من الحزم سوء الظن»

وقال أيضا فيما رواه الطبراني في الأوسط‍ وابن عدي عن أنس، وهو ضعيف: «احترسوا من الناس بسوء الظن». فإذا كان الظن لاتقاء الشر ولا يتعدى إلى الغير، فهو من هذا النوع، محمود غير مذموم، وعليه يحمل هذان الحديثان، وما جاء في الحكم:

«حسن الظن ورطة، وسوء الظن عصمة».

وحرمة سوء الظن بالناس: إنما تكون إذا كان لسوء الظن أثر يتعدى إلى الغير.

الرابع-ظن مباح: كالظن في استنباط‍ الأحكام الشرعية الفرعية العملية بالاجتهاد، والعمل بغالب الظن في الشك في الصلاة، كم صلّى ثلاثا أو أربعا.

وأما التجسس فهو من الكبائر وهو البحث عن الأمور المكتومة أو السرية، ومنه الجاسوس، وكذلك التحسس وهو الاستماع لحديث القوم وهم له كارهون حرام أيضا، لكنه قد يستعمل في البحث عن الخير، كما قال تعالى: {فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف ٨٧/ ١٢].

والغيبة أيضا حرام، وهي من الكبائر بالإجماع كما ذكر القرطبي، وأن من


(١) أحكام القرآن للجصاص: ٤٠٦/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>