بالريح الحاصب التي تأتي بالحصباء وخسف الأرض وهم قوم لوط، أو بالصيحة وهم ثمود وأهل مدين وأصحاب الرس وأصحاب الأيكة قوم شعيب، أو بالخسف وهو قارون وأصحابه.
والسبب أن كلا من هذه الأمم كذب رسوله الذي أرسله الله إليه، فوجب عليهم ما أوعدهم الله تعالى، وحقّت عليهم كلمة العذاب على التكذيب، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم مثلما أصاب هؤلاء الأقوام، لاشتراكهم في العلة، وتكذيبهم رسولهم كما كذب أولئك رسلهم.
ثم ذكر الله تعالى دليلا على إمكان البعث من الأنفس، فقال:
{أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ، بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ؟} أي أفعجزنا بالخلق المبتدأ الأول حين خلقناهم ولم يكونوا شيئا، أو بابتداء الخلق، فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم مرة أخرى؟! الحق أننا لم نعجز، والإعادة أسهل من الابتداء، كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم ٢٧/ ٣٠] وقال جل جلاله: {وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ، قالَ: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}.
وجاء في الحديث القدسي الصحيح:«يقول الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يقول: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته».
وإنما هم في شك وحيرة واختلاط من خلق مبتدأ مستأنف، وهو بعث الأموات، فهم معترفون بأن الله هو مبدئ الخلق أولا، فلا وجه لإنكارهم البعث. وهذا توبيخ للكفار وإقامة الحجة الواضحة عليهم.