للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عجائب الصنع، دلائل واضحة وعلامات ظاهرة على عظمة الخالق وقدرته الباهرة، للموقنين بالله، لأنهم الذين يعترفون بذلك، ويتدبرون فيه، فينتفعون به.

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ، أَفَلا تُبْصِرُونَ} أي وفي أنفسكم آيات تدل على توحيد الله، وصدق ما جاءت به الرسل، أفلا تنظرون نظرة متأمل معتبر ناظر بعين البصيرة، فتستدلون بذلك على الخالق الرازق، المتفرد بالألوهية، فليست نفوسكم مخلوقة بالصدفة ولا بالطبيعة، وإنما خالقها الله القادر على كل شيء، وعلى البعث وإعادة الحياة.

ففي النفس والدماغ ذي الملايين من الخلايا، وحواس السمع والبصر والإحساس واللمس والذوق، ودورة الدم، وأجهزة التنفس والهضم والبول، كل ذلك أدلة مقنعة لمن يعقلها، ولا يعقلها حقيقة إلا المؤمنون المتقون الله، أما غيرهم فيفسرها على أنها حقائق طبيعية مادية فقط‍.

ثم ذكر الله تعالى ضمانه الرزق للأنفس والعباد كلهم فقال:

{وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ} أي، وفي السماء تقدير الأرزاق وتعيينها، وفيها ما توعدون من خير أو شر، وجنة ونار، وثواب وعقاب، ففي السماء التي هي السحاب المطر، وفي السماء أسباب الرزق من الشمس والقمر والكواكب والمطالع والمغارب التي تختلف بها الفصول، التي يكون تغيرها مناسبا لأنواع النباتات المختلفة التي تسقى بماء الأمطار، وتسوقها الرياح، وتغذيها الشمس بحرارتها، ويمنحها نور القمر قوة ونموا ونضجا.

ثم أقسم الله تعالى بذاته المقدسة على أحقية البعث وضمان الرزق، فقال:

{فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} أي فورب العزة والجلال، إن ما أخبرتكم به في هذه الآيات، وما وعدتكم به من أمر القيامة

<<  <  ج: ص:  >  >>