{وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} أي بحسب إخلاصه في عمله، فيزيده أكثر من ذلك، والله تعالى لا ينحصر فضله، ولا يحدّ عطاؤه، ففضله واسع كثير، أكثر من خلقه، عليم بمن يستحق هذه المضاعفة ممن لا يستحقها.
وهذا المثل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعمائة؛ لأن التحديد والتعداد يظل فيه قصور، وأما عدم التحديد بحدّ فيشير إلى احتمال النمو والبركة والزيادة. وفيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عزّ وجلّ لأصحابها، كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة، وقد وردت السّنة بتضعيف الحسنة إلى سبعمائة ضعف.
روى ابن ماجه وابن أبي حاتم الحديث الأول عن علي وأبي الدّرداء، والثاني عن عمران بن حصين عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«من أرسل بنفقة في سبيل الله، وأقام في بيته، فله بكل درهم سبعمائة درهم يوم القيامة، ومن غزا في سبيل الله، وأنفق في جهة ذلك، فله بكل درهم سبعمائة درهم»، ثم تلا هذه الآية:{وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ}.
وروى الإمام أحمد عن أبي عبيدة، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«من أنفق نفقة في سبيل الله، فسبع مائة، ومن أنفق على نفسه وأهله، أو عاد مريضا أو ماز أذى، فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنّة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله عزّ وجلّ ببلاء في جسده، فهو له حطة» وروى النسائي بعضه في الصوم.
ومن شروط الإنفاق وآدابه لاستحقاق هذا الثواب في الآخرة: ألا يتبعوا ما أنفقوا أو بذلوا منّا على الفقير بأن يحاسبه على ما أعطاه ويظهر تفضّله عليه، ولا أذى أو ضررا بأن يتطاول عليه ويطلب جزاء عمله. فهؤلاء الباذلون الذين