٣ - ثم أنكر القرآن على الكفار قدرتهم على شيء من علم الغيب، ومضمون ذلك: أيدّعون أن لهم مرتقى إلى السماء ومصعدا وسببا يستمعون الأخبار، ويصلون به إلى علم الغيب، كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي، فإذا صح ذلك فليأت مستمعهم على صحة ادعائه بحجة بيّنة أن هذا الذي هم عليه حق.
وهذا تتميم للدليل السابق لإثبات النبوة.
٤ - سفّه القرآن أحلام كفار قريش وأمثالهم وقرّعهم ووبخهم في قولهم:
الملائكة بنات الله، وهذا إشارة إلى نفي الشرك. فهل يعقل أن يكون لله البنات، وللبشر البنون؟ ومن كان عقله هكذا فلا يستبعد منه إنكار البعث.
٥ - ثم أكد الحق سبحانه صدق نبوة عبده محمد صلى الله عليه وسلم بدليل أنه لا يطلب أجرا على تبليغ الرسالة، فهم من المغرم الذي يطالبهم به مجهدون لما كلفهم به. ثم أضاف دليلا آخر وهو أنه ليس عندهم علم بالغيب يكتبون للناس ما أرادوه من علم الغيب.
٦ - أخبر الله تعالى بأنه عاصم نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من السوء والشر ومكائد أعدائه، فإنهم إن أرادوا به شرا ومكيدة ومكرا كما دبروا في دار الندوة، فإنهم المهزومون المغلوبون الممكور بهم الذين يعود عليهم وبال الكيد:{وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ}[فاطر ٤٣/ ٣٥] وذلك أنهم قتلوا ببدر، وأظهر الله دين الإسلام.
٧ - أعاد الله تعالى إثبات التوحيد ونفي الشرك، فقال موبخا: هل لهم إله غير الله يخلق ويرزق ويمنع، تنزّه الله وتعالى وتقدس عن نسبة الشرك له أو أن يكون له شريك، فإن الشريك دليل العجز، والإله الحق يتميز بالقدرة المطلقة التي تشمل الكون كله وما فيه من مخلوقات حتى تصح الدينونة والخضوع والانقياد والعبادة له دون غيره.