صورته التي خلقه الله عليها، حين أحب النبي صلى الله عليه وسلم رؤيته كذلك، فظهر له في الأفق الأعلى أي في الجهة العليا من السماء، وهو أفق الشمس، فسدّ الأفق عند ما جاء بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه بالوحي.
{ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى} أي استوى واعتدل جبريل بالأفق الأعلى أولا، ثم قرب من الأرض، وازداد في القرب والنزول، حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فكان مقدار ما بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم من المسافة مقدار قوسين أو أقل من قوسين، فأوحى جبريل إلى عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحاه من القرآن في تلك النزلة، من شؤون الدين. وقيل: فأوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم عبده ما أوحى، وفيه تفخيم لشأن الوحي.
وهذا كان ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض، لا ليلة الإسراء. ولهذا قال تعالى بعده:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى}.
روى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود، قال في هذه الآية:{فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى}: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جبريل له ست مائة جناح».
وقال عن رؤية جبريل حقيقة لا تخيلا:
{ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى، أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى} أي ما أنكر فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه من صورة جبريل، وإنما كان فؤاده صادقا، فتكون عينه أصدق، فكيف تجادلونه وتكذبونه فيما رآه بعينه رؤية مشاهدة محسوسة من صورة جبريل عليه السلام؟! والأشهر أن لام {الْفُؤادُ} للعهد، وهو فؤاد