ويبتعدون عن الفواحش المتناهية في القبح، كالزنى، وهي كل ذنب فيه الحدّ.
لكن اللمم، وهي كما ذكر القرطبي: الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله وحفظه، فإن أمرها سهل مغفور، يتوب الله فيها على من تاب وأناب. وقال ابن مسعود وأبو سعيد الخدري وحذيفة ومسروق: إن اللمم ما دون الوط ء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة.
وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدّق ذلك أو يكذّبه» وقد أعدت الحديث بهذا اللفظ، لأنه أوضح، والمعنى: أن الفاحشة العظيمة والزنى التام الموجب للحدّ في الدنيا والعقوبة في الآخرة، هو في الفرج، وغيره له حظّ من الإثم.
٤ - إن الله عز وجل واسع المغفرة من الصغائر والكبائر لمن تاب من ذنبه واستغفر، أما من لم تصل إليهم المغفرة فهم الذين أصروا على الإساءة، وماتوا من غير توبة، لقوله تعالى:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}[النساء ٤٨/ ٤] وقوله سبحانه: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ}[التوبة ٨٤/ ٩].
٥ - أكد الله تعالى لعباده علمه بجميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، فذكر أنه أعلم بهم من أنفسهم وقت الإفشاء حين خلق أباهم آدم من الطين، وتسلسلوا في بطون الأمهات، معتمدين في تكوين نشأتهم على الغذاء الذي يعتمد على التراب والماء، فكل أحد أصله من التراب، فإنه يصير غذاء، ثم يصير نطفة. وفي هذا تقرير لكونه عالما بمن ضل.
٦ - نهى الله تعالى الإنسان عن تزكية نفسه ومدحها والثناء عليها، فإنه أبعد