للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في زمانه، وهم المشركون الذين أنكروا قدرة الله على الحوادث، فلا يدخل فيهم المعتزلة، ونسبتهم إلى هذه الأمة كنسبة المجوس إلى الأمة المتقدمة (١).

{يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ، ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} أي إن المجرمين الكفار يعذبون في النار، ويجرّون فيها على وجوههم للإهانة والإذلال، ويقال لهم تقريعا وتوبيخا: ذوقوا وقاسوا حرّ النار وآلامها وشدة عذابها.

ثم أبان الله تعالى أن كل ما يحدث في الكون، ومنه أفعال العباد كلهم، هو مخلوق لله، فقال:

{إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} أي إن كل شيء من الأشياء، وكل فعل من الأفعال في هذا الكون أو هذه الحياة خيرا كان أو شرا، مخلوق لله تعالى، مقدر محكم مرتّب على حسب ما اقتضته الحكمة، وعلى وفق ما هو مقدر مكتوب في اللوح، معلوم لله ثابت في سابق علم الله الأزلي، قبل وجوده أو كونه، يعلم حاله وزمانه. والقدر: التقدير.

ونظير الآية قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان ٢/ ٢٥] وقوله سبحانه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى} [الأعلى ١/ ٨٧ - ٣] أي قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه.

وقد استدل أهل السنة بهذه الآية الكريمة على إثبات قدر الله السابق لخلقه:

وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته (أي تسجيله) لها قبل حدوثها.

أخرج الإمام أحمد ومسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر، حتى العجز والكسل».

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد ومسلم أيضا عن أبي هريرة: «استعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك أمر فقل:


(١) تفسير الرازي: ٦٩/ ٢٩ - ٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>