للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}؟ فالشمس تشرق صيفا من مدار السرطان في نصف الكرة الشمالي، ومن مدار الجدي في الجنوب صيفا، حيث يكون الشتاء في الشمال، فلو ثبتت الشمس في شروق وغروب واحد لتعطلت المواسم والزراعة في الصيف والشتاء.

وبعد بيان نعم الله في البر، ذكر نعمه في البحر، فقال:

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ} أي أرسل البحرين ملحا وعذبا متلاقيين، لا فصل بينهما في مرأى العين، ومع ذلك فبينهما حاجز يحجز بينهما، لا يبغي أحدهما على الآخر، بالامتزاج والاختلاط‍، وإنما يظلان منفصلين، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: هذا عَذْبٌ فُراتٌ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً} [الفرقان ٥٣/ ٢٥].

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} أي فبأي هذه النعمة أو المنفعة تكذبان أيها الإنسان والجن؟ فالعذب للشرب وسقي النبات والحيوان، والملح لتطهير تجمع الماء من الجراثيم، وإصلاح طبقة الهواء، وإخراج اللؤلؤ والمرجان، كما قال تعالى:

{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} أي يخرج من أحدهما-على حذف مضاف-وهو الملح {اللُّؤْلُؤُ}: وهو الدّر الذي يتكون في الصدف، {وَالْمَرْجانُ}: الخرز الأحمر المعروف.

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} فبأي نعم الله الظاهرة لكم تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ فإن في ذلك من الآيات ما لا يستطيع أحد تكذيبه، ولا يقدر على إنكاره.

{وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ} أي والله الذي خلق وألهم صنع

<<  <  ج: ص:  >  >>