{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، فَانْفُذُوا، لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ} أي أيها الإنس والجن، إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض ونواحيهما هربا من قضاء الله وقدره، وأمره وسلطانه، فاخرجوا منها، وخلصوا أنفسكم، لا تقدرون على التخلص والنفوذ من حكمه إلا بقوة وقهر، ولا قوة لكم على ذلك ولا قدرة، فلا يمكنكم الهرب. والمعشر: الجماعة العظيمة، والأدق أن المعشر: العدد الكامل الكثير الذي لا عدد بعده إلا بابتداء فيه.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} بأي نعم الله تكذبان أيها الثقلان؟ ومن ذلك تقديم التنبيه والتحذير، فذلك يرغّب المحسن، ويرهب المسيء، والله قادر على عقاب الجميع، فلا يفلت أحد، كما أنه تعالى يعفو مع كمال القدرة، وتلك نعمة أخرى. وإنما جمع {اِسْتَطَعْتُمْ} فهو لبيان عجزهم وعظمة ملك الله تعالى.
{يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ، وَنُحاسٌ، فَلا تَنْتَصِرانِ} أي لو خرجتم يسلّط عليكم أيها الإنس والجن سيل من النار أو لهب خالص لا دخان معه من النار، ودخان مع النار، أو يصب على رؤوسكم نحاس مذاب، فلا تقدرون على الامتناع من عذاب الله. فالنحاس: إما الدخان الذي لا لهب له، أو النحاس المذاب الذي يصب على الرؤوس. وإنما ثنى ضمير {عَلَيْكُما} فهو لبيان الإرسال على النوعين، لا على كل واحد منهما، ولا على جميع الإنس والجن. وكذلك