للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - يكون ثواب الإنفاق أعظم إذا كانت الحاجة إليه أشد بسبب الأزمات والظروف الضيقة، لذا نفى الله سبحانه المساواة بين من أنفق من قبل فتح مكة وقاتل الأعداء، وبين من أنفق من بعد الفتح وقاتل، كما قال تعالى:

{لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ} [الحشر ٢٠/ ٥٩] لأن المال كان أقل، والحاجة إلى النفقة أشد، والمسلمين قلة، أما بعد الفتح فكثر الخير، وقلّت الحاجة إلى الإنفاق، وكثر المسلمون.

روى أشهب عن مالك قال: ينبغي أن يقدّم أهل الفضل والعزم، وقد قال الله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ}. وقال الكلبي كما تقدم: نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، ففيهما دليل واضح على تفضيل أبي بكر رضي الله عنه وتقديمه، لأنه أول من أسلم. قال ابن مسعود: أول من أظهر الإسلام بسيفه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، ولأنه أول من أنفق على نبي الله صلى الله عليه وسلم.

والتقدم والتأخر يكون في أحكام الدنيا والدين، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم، وأعظم المنازل مرتبة الصلاة.

وقال صلى الله عليه وسلم في مرضه فيما رواه الشيخان والترمذي وأ بن ماجه عن عائشة: «مروا أبا بكر فليصلّ بالناس»

وقال فيما رواه أحمد عن أنس: «يؤمّ القوم أقرؤهم للقرآن»

وقال فيما رواه الجماعة عن مالك بن الحويرث: «وليؤمّكما أكبركما» وقال مالك: إن للسن حقا، وراعاه الشافعي وأبو حنيفة، وهو أحق بالمراعاة، لأنه إذا اجتمع العلم والسن في خيّرين قدّم العلم. وأما أحكام الدنيا فهي مرتّبة على أحكام الدّين، فمن قدّم في الدين قدّم في الدنيا.

وفي الحديث الثابت الذي رواه الترمذي عن أنس: «ما أكرم شاب شيخا لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه».

وروى الترمذي أيضا عن أنس:

«ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا»

وفي رواية لأحمد والترمذي والحاكم عن ابن عمرو: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا»

<<  <  ج: ص:  >  >>