للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قِيلَ: اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ، فَالْتَمِسُوا نُوراً} أي تقول لهم الملائكة أو المؤمنون: ارجعوا إلى الدنيا، فالتمسوا النور بما التمسناه به من الإيمان والأعمال الصالحة. وفي هذا تهكم بهم واستهزاء بطلبهم، كما كانوا يستهزئون بالمؤمنين في الدنيا، حين كانوا يقولون: آمنا، وما هم بمؤمنين.

ثم يحسم الله الموقف وهذه المحاورة بقوله:

{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ، لَهُ بابٌ، باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ} أي فضرب بين المؤمنين وبين المنافقين حاجز، باطن ذلك السور، وهو الجانب الذي يلي أهل الجنة، فيه الرحمة، وهي نعم الجنة، والجانب الذي يلي أهل النار، من جهته عذاب جهنم.

ثم يذكر الله تعالى حال المنافقين واستغاثاتهم، فيقول:

{يُنادُونَهُمْ: أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؟ قالُوا: بَلى، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ، حَتّى جاءَ أَمْرُ اللهِ، وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} أي ينادي المنافقون المؤمنين قائلين لهم: ألم نكن معكم في الدار الدنيا، نوافقكم في أعمالكم، نشهد معكم الجمعات، ونصلّي معكم الجماعات في المساجد، ونقف معكم بعرفات، ونحضر معكم معارك الجهاد، ونؤدي معكم سائر الواجبات، ونعمل بأعمال الإسلام كلها؟ فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين: بلى قد كنتم معنا في الظاهر، ولكنكم فتنتم أنفسكم بالنفاق وإبطان الكفر، وأهلكتموها باللذات والمعاصي والشهوات، وأخرتم التوبة، وتربصتم الدوائر وحوادث الدهر بالمؤمنين، وبالحق وأهله، وشككتم في أمر الدين والبعث بعد الموت، ولم تصدّقوا ما نزل به القرآن، ولا آمنتم بالمعجزات الظاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>