للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأشياء والأحداث والمصائب تنسب إلى الله الموجد لها، لا إلى أحد من البشر في الحقيقة، وأما ما يقال من التشاؤم (الطيرة) في المرأة والدابة والدار، فذلك بحسب عرف الناس وتصوراتهم ومقالاتهم، لا في واقع الأمر، كذلك السحر والعين والقتل كل ذلك يحدث بتأثير الله، فهو المؤثر والفعال الحقيقي، وأما فعل الناس فهو مجرد أمر أو سبب في الظاهر، فينسب إليه الشيء الحادث ظاهرا، لا حقيقة. وإنما قيد المصائب بكونها في الأرض والأنفس لقصرها على أحوال الدنيا، لذا

قال صلى الله عليه وسلم: «جفّ القلم بما هو كائن إلى يوم الدين» ولم يقل: إلى الأبد.

أخرج الإمام أحمد، والحاكم وصححه عن أبي حسان: أن رجلين دخلا على عائشة رضي الله تعالى عنها فقالا: «إن أبا هريرة يحدّث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار»، فقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ما هكذا كان يقول، ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار»، ثم قرأت: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} الآية.

{لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ، وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ} أي أخبرناكم بذلك لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من نعيم في الدنيا، ولا تفرحوا فرح بطر بما هو آت، فلا تأسوا على ما فاتكم، لأنه لو قدر شيء لكان، ولا تفرحوا بما جاءكم أو أعطاكم، أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم، فإن ذلك من قدر الله ورزقه لكم، لذا قال تعالى:

{وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} أي إن الله يعاقب كل مختال في نفسه، أي متكبر، فخور على غيره، أي مباه بماله أو جاهه.

وبه يتبين أن الحزن المذموم: هو الذي لا صبر لدى صاحبه، ولا رضا

<<  <  ج: ص:  >  >>