وروى الإمام أحمد عن إياس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل».
ثم ذكر الله تعالى ثواب المؤمنين بعيسى وبمحمد عليهما الصلاة والسلام، فقال:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ، يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي يا أيها الذين صدقوا بوجود الله تعالى ووحدانيته وصدقوا رسوله صلى الله عليه وسلم من مؤمني أهل الكتاب: اليهود والنصارى، خافوا الله تعالى، بترك ما نهاكم عنه، وأداء ما أمركم به، وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يعطكم الله نصيبين أو ضعفين من رحمته، بسبب إيمانكم برسوله صلى الله عليه وسلم، بعد إيمانكم بمن قبله من الرسل، ويزيدكم على ذلك أنه يجعل لكم نورا تمشون به على الصراط، تهتدون به في الآخرة، وهدى تبصرون به العمى والجهالة في الدنيا، ويغفر لكم ما سلف من ذنوبكم، والله بليغ المغفرة والرحمة.
فهذا وعد للمؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإيمان بجميع الأنبياء قبله يتضمن ثلاثة أمور: مضاعفة الثواب، وجعل النور لهم على الصراط للنجاة، ومغفرة الذنوب والسيئات.
أخرج الشيخان صاحبا الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وآمن بي، فله أجران، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه، فله أجران، ورجل أدّب أمته، فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران».
ثم رد الله على اليهود الذين زعموا اختصاص النبوة فيهم، فقال:{لِئَلاّ يَعْلَمَ ١ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ، وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
(١) أي ليعلم كما تقدم، وقرأها ابن مسعود وغيره: لكي يعلم، قال ابن جرير: لأن العرب تجعل