تركبوا لتحصيله خيلا ولا إبلا، وإنما كانت من المدينة على ميلين، وافتتحت ديارهم صلحا، وأخذت أموالهم بعد جلائهم عنها، ولذا لم تقسم بين الغانمين، وإنما جعل الله أموال بني النضير لرسوله صلى الله عليه وسلم خاصة لهذا السبب، يصرفه على مصالحه كيف يشاء.
أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «كانت أموال بني النضير مما أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته-أو قال: قوت سنته-وما بقي جعله في الكراع (١) والسلاح عدّة في سبيل الله عز وجل». وإنما قال:{وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ} لأنه الطائع لربه فيما يأمره به، وجدير بالمال أن يكون للمطيعين.
{وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي ولكن الله بقدرته يسلط رسله على من يشاء من أعدائه، كما سلط محمدا صلى الله عليه وسلم على بني النضير، فأخذ أموالهم دون قتال، والله قادر على كل شيء، يفعل ما يشاء بمن يشاء، فإنه سبحانه هو الذي مكّن رسوله صلى الله عليه وسلم من بني النضير.
ثم ذكر الله حكم الفيء، فصارت أموال الأعداء ثلاثة أنواع: الغنائم المنقولة المأخوذة قهرا التي توزع أخماسا بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ.}.
[الأنفال ٤١/ ٨] والأموال المنقولة التي تؤخذ صلحا بلا إيجاف خيل ولا ركاب، فهي للرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، يصرفها كيف شاء بقوله تعالى:{وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ.}. وأموال الفيء العقارية التي توزع على المصالح العامة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله تعالى هنا: