{وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} أي ما أمركم به الرسول صلى الله عليه وسلم فافعلوه، وما منعكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير، وإنما ينهى عن شر، فإذا أعطاكم الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا من الفيء مثلا، فخذوه، فهو حلال، وإذا منعكم شيئا منه، فلا تقربوه، فإنه يعمل بالوحي ولا ينطق عن الهوى. والآية توجب امتثال أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم ونواهيه أيضا.
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه»
وأخرج أحمد والشيخان صاحبا الصحيحين أيضا وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود قال: «لعن الله تعالى الواشمات والمستوشمات، والمتنمّصات، والمتفلجات للحسن (١)، المغيّرات لخلق الله عز وجل» فبلغ ذلك امرأة من بني أسد في البيت، يقال لها أم يعقوب كانت تقرأ القرآن، فجاءت إليه، فقالت: بلغني أنك قلت كيت وكيت، فقال: ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله تعالى، فقالت: إني لأقرأ ما بين لوحيه، فما وجدته، فقال: إن كنت قرأتيه، فقد وجدتيه أما قرأت:
{وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قالت: بلى، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه».
{وَاتَّقُوا اللهَ، إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} أي خافوا الله بامتثال أوامره، وترك زواجره ونواهيه، فإنه شديد العقاب لمن عصاه، وخالف أمره وأباه، وارتكب ما زجر عنه ونهاه. والآية تتناول كل ما يجب فيه التقوى، وتحث على امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
(١) الوشم: غرز الإبرة في الجلد تم حشوه بالكحل، والواشمة: فاعلة الوشم، والمستوشمة: طالبة الوشم، والمتنمصات جمع متنمصة: وهي التي تنتف الشعر من وجهها، والمتفلجات جمع متفلجة: وهي التي تتكلف التفريق بين أسنان الثنايا والرباعيات.