كان بهم حاجة وفقر. ويلاحظ أن كل ما يجد الإنسان في صدره مما يحتاج إلى إزالته، فهو حاجة. والإيثار: هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية، والرغبة في الحظوظ الدينية.
{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي من كفاه الله حرص نفسه وبخلها، وحفظ من ذلك، فأدى ما أوجبه الشرع عليه في مال من زكاة أو حق، فقد فاز ونجح، وظفر بكل المنى والمطلوب.
أخرج الترمذي وأبو يعلى وابن مردويه عن أنس بن مالك مرفوعا:
«لا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان نار جهنم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الإيمان والشح في قلب عبد أبدا» وروي أيضا عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يجتمع...».
وأخرج أحمد ومسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم».
وأخرج أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، وإياكم والشح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا».
والآية دليل على اتصاف الأنصار بصفات خمس: هي استيطانهم دار الهجرة مسبقا وجعل الإيمان مستقرا ووطنا لهم، ومحبتهم إخوانهم المهاجرين، وترفعهم عن الجشع والطمع والحسد والحزازة، وإيثارهم المحتاجين على أنفسهم، ولو كان بهم حاجة، واتصافهم بالجود والبعد عن الشح، لذا وصفوا بأنهم المفلحون الظافرون بما أرادوا.