للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المودة التي بينكم وبينهم، والآية تدل على النهي عن موالاة الكفار بأي وجه من الوجوه.

ونظير الآية كثير، مثل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ، فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة ٥١/ ٥]. وقوله سبحانه: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران ٢٨/ ٣]. والآية الأولى تتضمن تهديدا شديدا ووعيدا أكيدا.

وسبب النهي هنا أمران:

{وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ، يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ} أي إنهم كفروا بالله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم وما جاءكم من القرآن والهداية الإلهية، وأخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من مكة من أجل إيمانهم بالله، وإخلاص عبادتهم لله تعالى، كما جاء في آية أخرى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلاّ أَنْ يَقُولُوا: رَبُّنَا اللهُ} [الحج ٤٠/ ٢٢]. {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج ٩/ ٨٥].

ثم حرّض الله تعالى على الامتناع من الموالاة، فقال:

أ- {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي} أي لا تتخذوهم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي، مبتغين رضواني عنكم، ولا توالوا أعدائي وأعداءكم وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقا عليكم، وسخطا لدينكم.

ب- {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ} أي تسرون إليهم الأخبار وخطط‍ النبي والمؤمنين بسبب المودة، وتفعلون ذلك، وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر، والأعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون.

ج‍ - {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ} أي ومن يوال الأعداء

<<  <  ج: ص:  >  >>