للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجاسوس المسلم: فقال كبار المالكية: إنه يقتل. وقال الجمهور:

لا يقتل، بل يعزّره الإمام بما يراه من ضرب وحبس ونحوهما.

ودليل الفريقين قصة حاطب، فإن الفريق الأول قالوا: أقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه على إرادة القتل لولا وجود المانع: وهو شهود بدر. وقال الفريق الثاني: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل حاطبا، لأنه مسلم،

وروي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعين (جاسوس) للمشركين اسمه فرات بن حيّان، فأمر به أن يقتل، فصاح: يا معشر الأنصار، أقتل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فخلّى سبيله، ثم قال: «إن منكم من أكله إلى إيمانه، منهم فرات بن حيّان».

٤ - ذكرت الآيات خمسة أسباب لتحريم موالاة الكفار، وهي الكفر بالله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم، وإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من ديارهم وأموالهم في مكة، وعداوتهم ومجاربتهم للمؤمنين، وقتالهم إياهم وضربهم فعلا، وسبهم وشتمهم، وحرصهم على كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.

٥ - حذر الله تعالى من مخالفة نهيه عن موالاة الأعداء بأمرين: أولهما-أنه سبحانه الأعلم بما تخفي الصدور، وما تظهر الألسن من الإقرار بالله وتوحيده.

وثانيهما-أن من يوالي الكفار ويسرّ إليهم ويكاتبهم من المسلمين، فقد ضل سواء السبيل، أي أخطأ قصد الطريق.

٦ - قوله سبحانه: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي بالنصيحة في الكتاب إليهم، هو معاتبة لحاطب، وهو يدل على فضله وكرامته ونصيحته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق إيمانه، فإن المعاتبة لا تكون إلا من محبّ لحبيبه.

٧ - الذي يفيد الإنسان يوم القيامة هو الإيمان الصحيح والعمل الصالح، أما الأهل والأولاد أو أصحاب القرابات أو الأنساب، فلا ينفعون شيئا يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>