أو حجر أو ملك أو بشر، ولا يسرقن من أموال الناس شيئا، ولا يزنين (والزنى: الاعتداء على الأعراض) ولا يقتلن أولادهن: أي ولا يئدن البنات، وهو ما كانت تفعله الجاهلية من وأد البنات، ولا يلحقن بأزواجهن أولادا ليسوا لهم، قال الفراء: كانت المرأة تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك.
فكان هذا من البهتان والافتراء.
{وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}: وهو كل أمر وافق طاعة لله، أي كل ما أمر به الشرع، أو نهى عنه، كالنهي عن النّوح، وتمزيق الثياب، وجزّ الشعر، وشق الجيب، وخمش الوجوه، والدعاء بالويل، والخلوة بالأجنبي غير المحرم، فبايعهن، واطلب من الله المغفرة لهن بعد هذه المبايعة منك، إن الله غفور لذنوب عباده، رحيم بهم، فلا يعذبهم بما اقترفوه قبل الإسلام، ويجزل لهم الثواب إذا وفّين بهذا العهد الذي حدث في فتح مكة.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: أبا يعكن على ألا تشركن بالله شيئا، قالت هند بنت عتبة، وهي منتقبة، خوفا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها، لما صنعته بحمزة يوم أحد: والله ما عبدنا الأصنام، وإنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال، تبايع الرجال على الإسلام والجهاد فقط، فقال صلى الله عليه وسلم:
«ولا تسرقن» فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح، وإني أصيب من ماله قوتنا؟ فقال أبو سفيان: هو لك حلال، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعرفها، وقال:
«أنت هند؟» فقالت: عفا الله عما سلف.
فقال:«ولا تزنين» فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فقال:«ولا تقتلن أولادكن» أي لا تئدن البنات ولا تسقطن الأجنة، فقالت هند: ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا يوم بدر، فأنتم وهم أبصر أو أعلم. فضحك عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى استلقى، وكان ابنها البكر حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.