ثواب كامل مدّخر عند ربّهم الذي تعهدهم بالرّعاية في شؤونهم، ولا يخافون مما هو آت، ولا يحزنون على ما فات.
وخصّ الله تعالى الصّلاة والزّكاة مع شمول الأعمال الصالحة لهما، اهتماما بشأنهما؛ لأنهما أعظم أركان العبادة العملية.
وبعد هذه المقارنة بين جزائي أكلة الرّبا والمؤمنين العاملين الصالحات، جاء الأمر الصريح القاطع بترك الرّبا والتخلّص من مختلف آثاره، ومضمونه: يا من اتّصفتم بالإيمان المتنافي مع كلّ حرام، قوا أنفسكم عقاب ربّكم على ترك الأوامر وفعل المنهيات، واتركوا ما بقي لكم من الرّبا عند الناس حالا، وإياكم والتعامل به من جديد إن كنتم مؤمنين حقّا، وإلا فلستم بمؤمنين كاملي الإيمان؛ لأن الإيمان طاعة والتزام فلا إيمان مع المعاصي، وهو سلام ورحمة وعطف وصلة، فلا إيمان مع تعاطي الرّبا؛ لأن الرّبا ظلم وجشع واستغلال يتنافى مع الإخاء والإنسانية. ثم ذكر الله الوعيد على المخالفة فقال:
فإن لم تتركوا الرّبا وما بقي منه-والخطاب للمؤمنين-فإنكم محاربون لله ولرسوله أي أعداء خارجون عن شريعته، وهذا معنى قوله:{فَأْذَنُوا} أي اعلموا، وحرب الله: غضبه وانتقامه من أكلة الرّبا، في الدّنيا بإلحاق الضّرر، وفي الآخرة بالعذاب في النار، وحرب رسوله: معاداته، ومن حارب الله ورسوله استحقّ القتال، لتجاوز شرع الله وأحكامه.
وإن رجعتم عن الرّبا امتثالا لأمر الله، فتستحقون رؤوس أموالكم كاملة فقط، لا نقص ولا زيادة، فلا تظلمون أحدا بأخذ الرّبا، ولا تظلمون بنقص شيء من أموالكم.
ثم يأمر الله تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء، فقرر ما يلي:
إن تعاملتم مع فقير معسر. ولم يتمكن من سداد دينه في الأجل المحدد،