للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهم بهم، فبئست أعمالا أعمالهم الخبيثة من نفاقهم وأيمانهم الكاذبة وصدهم عن سبيل الله.

ولكن الله تعالى بيّن أن حالهم لا يخفى عليه، ولكن حكمه أن من أظهر الإيمان، أجري عليه في الظاهر حكم الإيمان.

٣ - قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا..}. إعلام من الله تعالى بأن المنافق كافر، لأنه أقر باللسان، ثم كفر بالقلب، والمعول عليه هو ما في القلوب. وكان من لوازم اعتصامهم بالكفر أن ختم الله على قلوبهم بالكفر، فأصبحوا لا يدركون معالم الإيمان وأدلته، ولا مفهوم الخير وطرقه، فهم على الكفر الثابت الدائم.

٤ - إن الحكم على الناس لا يكون بالأشكال والهيئات والمناظر، وإنما يكون بالحقائق المدركة، والأفعال الواقعة، والأقوال الصادقة. وقد كان المنافقون حسان الهيئة، فصيحي اللسان، ولكنهم أشباح بلا أرواح، وصور بلا معان.

قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي وسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان، فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، وصفه الله بتمام الصورة وحسن الإبانة.

أخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».

٥ - يؤدي النفاق عادة إلى القلق والتردد، والضعف والهزيمة، والجبن والجزع والهلع، لذا كان المنافقون جبناء، يحسبون كل واقعة، كأنها نازلة بهم لجبنهم، وكأن كل أمر وقع أو خوف نازل بهم وحدهم. قال مقاتل: إذا نادى مناد في العسكر، وانفلتت دابة، أو نشدت ضالة مثلا، ظنوا أنهم يرادون بذلك، لما في قلوبهم من الرعب، ولأنهم على وجل من أن يهتك الله أستارهم، ويكشف أسرارهم، يتوقعون الإيقاع بهم ساعة فساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>