روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا بين يديه، فقال له:«أو تلعبون بكتاب الله، وأنا بين أظهركم». والظاهر عند الشافعية كراهة تطليق المدخول بها واحدة بائنة.
٤ - قال الجرجاني: اللام في قوله تعالى: {لِعِدَّتِهِنَّ} بمعنى (في)، كقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}[الحشر ٢/ ٥٩] أي في أول الحشر، فقوله:{لِعِدَّتِهِنَّ} أي في الزمان الذي يصلح لعدّتهن، والإجماع على أن الطلاق في الحيض ممنوع، وفي الطهر مأذون فيه. وهذا دليل على أن القرء هو الطهر.
٥ - قوله تعالى:{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} هذا في المدخول بها المعتدة بالأقراء، لقوله تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، ولأن غير المدخول بها لا عدة عليها، للآية:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها.}. [الأحزاب ٤٩/ ٣٣] وله أن يراجعها فيما دون الثلاث قبل انقضاء العدة، ويكون بعدها كأحد الخطّاب، ولا تحلّ له في الثلاث إلا بعد زوج.
٦ - قوله تعالى:{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} معناه احفظوا الوقت الذي وقع فيه الطلاق، حتى إذا انتهت الثلاثة قروء في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة ٢٢٨/ ٢] حلّت للأزواج. وهذا يدل على أن العدة هي الأطهار، وليست بالحيض، وهو مذهب المالكية والشافعية، ويؤكده ويفسره قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة ابن مسعود: فطلقوهن لقبل عدتهن وقبل الشيء: بعضه لغة وحقيقة، بخلاف استقباله، فإنه يكون غيره.
٧ - الصحيح أن المخاطب بقوله:{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} الأزواج، لأن الضمائر كلها من {طَلَّقْتُمُ} و {أَحْصُوا} و {لا تُخْرِجُوهُنَّ} على نظام واحد