واتفق العلماء أيضا على أن للبائن (التي طلقت طلاقا بائنا) الحامل السكنى والنفقة، لقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ} وقوله سبحانه: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}.
وأما البائن غير الحامل أو المطلقة ثلاثا، فاختلف العلماء في سكناها ونفقتها على أقوال ثلاثة تقدم ذكرها، وموجزها كما يلي:
أحدها-وجوب السكنى والنفقة لها: وهو مذهب عمر وابن سعود وكثير من فقهاء الصحابة والتابعين، ومذهب الحنفية والثوري، لقوله تعالى:
{أَسْكِنُوهُنَّ} فهو أمر بالسكنى لكل مطلقة، ولأن النفقة جزاء الاحتباس لحق الزوج، سواء كانت حاملا أو حائلا. والمقصود بآية {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} دفع توهم ألا نفقة لها لطول مدة الحمل. وقد قال عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة، لا ندري جهلت أم نسيت. يريد قول فاطمة بنت قيس حين طلقها زوجها البتة:«لم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة».
والثاني-ألا نفقة للمبتوتة ولا سكنى: وهو رأي ابن عباس وأصحابه وجابر بن عبد الله وفاطمة بنت قيس وبعض التابعين، وإسحاق وداود وأحمد، لحديث مسلم وغيره المتقدم عن فاطمة بنت قيس حينما طلقها عمرو بن حفص البتة، فلم يفرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى.
والثالث-للمطلقة البائن بينونة كبري السكنى دون النفقة: وهو مذهب مالك والشافعي، أما السكنى فلقوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ} وأما عدم النفقة فلمفهوم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فإن الله سبحانه لما ذكر السكنى أطلقها لكل مطلقة، فلما ذكر النفقة قيدها بالحمل، فدل مفهوم:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} على أن المطلقة البائن غير الحامل لا نفقة لها.