{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً، يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً، قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً} أي ومن يصدق بالله، ويعمل العمل الصالح، فيجمع بين التصديق والعمل بما فرضه الله عليه، يدخله جنات، أي بساتين تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار، ماكثين فيها أبدا على الدوام، وقد وسّع الله له رزقه في الجنة.
ثم نبّه عباده إلى عظيم قدرته وإحاطة علمه، فقال:
١ - {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} أي إن الله هو الذي أبدع السموات السبع، والأرضين السبع، أي سبعا مثل السموات السبع، يتنزل أمر الله وقضاؤه وحكمه ووحيه من السموات السبع إلى الأرضين السبع، قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً}[الملك ٣/ ٦٧].
وثبت في الصحيحين:«من ظلم قيد شبر من الأرض، طوّقه من سبع أرضين»
وفي صحيح البخاري:«خسف به إلى سبع أرضين»
وفي البخاري وغيره أيضا:«اللهم ربّ السموات السبع وما أظللن، وربّ الأرضين وما أقللن».
وروى ابن مسعود أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي، إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة».
وقال قتادة: في كل أرض من أرضه، وسماء من سمائه خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.
٢ - {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} أي فعل ذلك، فخلق السموات والأرض وأنزل قضاءه وأمره فيهما، لأجل أن تعلموا كمال قدرته، وإحاطة علمه بجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه شيء