تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر ٣٠/ ٧٤] يتميزون بالطاعة الكاملة لله ربهم، فهم لا يخالفون أوامر الله تعالى، ويؤدون ما يؤمرون به في وقته المحدد له من غير تراخ، فلا يؤخرونه عنه ولا يقدّمونه، وهم قادرون على الفعل، ليس بهم عجز عنه.
وفائدة الإتيان بالجملتين:{لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} أن الأولى في الماضي، ولبيان الطواعية، فإن عدم العصيان يستلزم امتثال الأمر، ولنفي الاستكبار عنهم، كما قال تعالى:{لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ}[الأنبياء ١٩/ ٢١] والثانية للمستقبل وفورية التنفيذ والامتثال ونفي التراخي والكسل عنهم، كما قال تعالى:{وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}[الأنبياء ١٩/ ٢١].
ثم وعظ المؤمنين بما يقال للكافرين عند دخولهم النار، فقال:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ، إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي يقال للكفرة عند إدخالهم النار يوم القيامة، تأييسا لهم وقطعا لأطماعهم:
لا تعتذروا، فإنه لا يقبل منكم العذر، ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون في الدنيا، وإنما تجزون اليوم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا.
والمراد بهذا أن الدنيا دار جهاد وعمل صالح، والآخرة دار مقر وجزاء، والدنيا مزرعة الآخرة، فإن زرع فيها أو غرس الزرع أو الغرس الصالح، جنى طيبا، وإن زرع أو غرس نباتا أو شجرا رديئا، حصد ما فعل.
وبما أن العذر أو التوبة لا يفيدان في الآخرة، أرشد المؤمنين إلى طريق التوبة النصوح، فقال تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} أي يا أيها الذين صدقوا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ارجعوا إلى الله تعالى، وتوبوا إليه توبة خالصة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات: وهي