الشديد الخصومة بالباطل، الزنيم: الملصق بالقوم الدّعي، وكان الوليد بن المغيرة المخزومي دعيّا في قريش، ليس من أصلهم، ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده، كما تقدم، [الطاغية المفتري].
٤ - وبّخ الله الوليد على مقابلته الإحسان والنعمة بالإساءة، فقد أنعم الله عليه بالمال والبنين، فكفر واستكبر. ويكون تقدير الآية:{أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ}: ألأن كان ذا مال وبنين يكفر ويستكبر؟ ويجوز أن يكون التقدير:
ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه؟ ويجوز أن يكون التقدير: ألأن كان ذا مال وبنين يقول: {إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
٥ - هدد الله الوليد بالوسم على أنفه في الدنيا، وبالعلامة الظاهرة على أنفه في الآخرة. قال ابن عباس:{سَنَسِمُهُ}: سنخطمه بالسيف، وقد خطم الذي نزلت فيه يوم بدر بالسيف، فلم يزل مخطوما إلى أن مات. وقال قتادة:
سنسمه يوم القيامة على أنفه سمة يعرف بها، وقد قال تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ، وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران ١٠٦/ ٣] فهذه علامة ظاهرة. وقال تعالى:
{وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً}[طه ١٠٢/ ٢٠]، وهذه علامة أخرى ظاهرة.
فأفادت هذه الآية:{سَنَسِمُهُ.}. علامة ثالثة وهي الوسم على الأنف بالنار.
والراجح لدي أن هذا الوسم كان في الدارين.
وهذا كله نزل في الوليد بن المغيرة. ولا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه منه؛ فألحقه به عارا، لا يفارقه في الدنيا والآخرة؛ كالوسم على الخرطوم (١).
قال ابن العربي بمناسبة قوله تعالى:{سَنَسِمُهُ}: كان الوسم في الوجه لذي المعصية قديما عند الناس، حتى إنه روي أن اليهود لما أهملوا رجم الزاني،