والخلاصة: المراد من الآيات أنه ليس لهم دليل عقلي في إثبات مذهبهم، ولا نقلي، وهو كتاب يدرسونه، ولا عهد لهم به عند الله، ولا كفيل لهم يتكفل بما يقولون، ولا لهم مؤيد يوافقهم من العقلاء، مما يدل على بطلان دعواهم.
ثم تحداهم الله تعالى بالإتيان بالشركاء يوم اشتداد الأمر، فقال:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ، وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ، فَلا يَسْتَطِيعُونَ} أي فليأتوا بشركائهم لإنقاذهم يوم يشتد الأمر ويعظم الخطب في القيامة، وحين يدعى هؤلاء الشركاء وأنصارهم من الكفار والمنافقين إلى السجود توبيخا لهم على تركه في الدنيا، فلا يتمكنون من السجود؛ لأن ظهورهم تيبس وتصبح طبقا واحدا، فلا تلين للسجود.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا».
والمراد بقوله:{يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} شدة الأمر وعظم الخطب؛ لأن الله تعالى منزه عن الجسمية وعن كل صفات الحوادث، فليس المراد بالساق الجارحة، وإنما ذلك مؤول بما ذكر.
{خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ، تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ، وَهُمْ سالِمُونَ} أي تكون أبصارهم ذليلة خاسئة منكسرة، تغشاهم ذلة شديدة، وحسرة وندامة، وقد كانوا في الدنيا مدعوين إلى الصلاة والسجود لله تعالى، فأبوا وتمردوا وامتنعوا، مع أنهم كانوا سالمين أصحاء، متمكنين من الفعل، لا علل ولا موانع تمنعهم من أداء السجود. قال النخعي والشعبي: المراد بالسجود:
الصلوات المفروضة.
والخلاصة: أنهم لا يدعون إلى السجود تعبدا وتكليفا، ولكن توبيخا