للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خالف أمري، وكذب رسلي، واجترأ على معصيتي. وسمى الله الجزاء كيدا -والكيد احتيال-لكونه في صورته، إذ نفعهم وهو يريد الضرر بهم، لما علم من خبثهم وتماديهم في الكفر.

جاء في الصحيحين عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم قرأ: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى، وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود ١٠٢/ ١١].

ثم أخبر الله تعالى عن إزالة كل الموانع التي تمنعهم من قبول الإسلام والحق، فقال:

- {أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} أي بل أتطلب منهم أجرة على الهداية والتعليم وتبليغ رسالتك ودعوتك إياهم إلى الإيمان بالله تعالى؟ فهم من الغرامة المالية التي يتحملونها مثقلون بأدائها، لشحهم ببذل المال. والمراد: هل طلبت منهم أجرا، فأعرضوا عن إجابتك بهذا السبب؟ الحقيقة أنك يا محمد تدعوهم إلى الله عز وجل بلا أجر تأخذه منهم، بل ترجوا ثواب ذلك عند الله تعالى، وهم مع ذلك يكذبونك فيما جئتهم به من الحق جهلا وكفرا وعنادا.

وفي هذا إثبات النبوة؛ لأن النبي ينشد الخير لذاته، لا لمنفعة مادية.

- {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} أي بل أعندهم علم الغيب يكتبون ما يريدون من الحجج التي يزعمون، ويخاصمونك بما يكتبونه من ذلك، ويحكمون لأنفسهم بما يريدون، ويستغنون بذلك عن إجابتك وامتثال قولك.

والمراد أنه ليس لهم حجة نقلية يعتمدون عليها في الإعراض عن قبول رسالة الإسلام.

ولما بالغ الله تعالى في تزييف منهج الكفار، وتفنيد شبهاتهم وإبطالها،

<<  <  ج: ص:  >  >>