٣ - ليس للكفار والمشركين علم بالغيب الذي غاب عنهم، فيكون حكمهم لأنفسهم بما يريدون غلطا محضا، وتقوّلا كاذبا.
٤ - الصبر على قضاء الله وحكمه مطلوب شرعا، ولا ينبغي لمؤمن العجلة والتضجر والغضب، كما عجل صاحب الحوت يونس بن متّى عليه السلام حين تضجر ثم تاب وندم، ودعا في بطن الحوت وهو مملوء غما، فقال:{لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ}[الأنبياء ٨٧/ ٢١].
فقبل الله بفضله ومنّه ورحمته ونعمته دعاءه، واصطفاه ربه واختاره وجعله من الأنبياء الصالحين، بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون هم أهل نينوى، ولولا قبول توبته، لنبذ في الأرض الخالية الفضاء مذموما ملوما. والذم واللوم بسبب ترك الأفضل، فإن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين. ولم يقع الذم بدليل كلمة {لَوْلا}.
٥ - اشتدت عداوة الكفار للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكانوا إذا سمعوه يقرأ القرآن، نظروا إليه نظرة شديدة ملؤها الحقد والعداوة والبغضاء، حتى لتكاد نظراتهم تسقطه وتزلّ قدمه، أو تهلكه.
وينسبونه أيضا إلى الجنون إذا رأوه يقرأ القرآن، مع أن القرآن لا يتحمله إلا من كان أهلا له من العقلاء، وهو شرف وتذكير وموعظة للعالمين، شرفوا باتباعه والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم، فهل يعقل أن يكون هذا القرآن آتيا على يد مجنون؟ وكيف يجنن من جاء بمثله؟