{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ، فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً} أي رفعت من أماكنها، وأزيلت من مواقعها بالقدرة الإلهية، فضرب بعضها ببعض ضربة واحدة، حتى صارت كتلة واحدة، ورجعت كثيبا مهيلا منثورا، وتبددت وتغيرت عما هو معروف، كما قال تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ.}.
[إبراهيم ٤٨/ ١٤]. والدك أبلغ من الدق.
{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} فحينئذ قامت القيامة، ووقعت النازلة.
{وَانْشَقَّتِ السَّماءُ، فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ} أي وتصدعت السماء، فهي في ذلك اليوم ضعيفة مسترخية غير متماسكة الأجزاء بعد أن كانت قوية محكمة البناء.
{وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها، وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ} أي وتكون الملائكة على جوانب السماء وحافاتها على أهبة الاستعداد لتنفيذ ما يأمرهم به الله عز وجل، ويحمل عرش ربك فوق رؤوس الملائكة الذين هم على الأرجاء ثمانية أملاك، وقيل: ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل. والعرش: أعظم المخلوقات. وحمل العرش مجاز؛ لأن حمل الإله محال، فلا بد من التأويل، وهو أنه تعالى خاطبهم بما يتعارفون، وعلى سبيل الرمز، كإيجاد البيت (الكعبة) وجعل الحفظة على العباد، لا للسكنى في البيت، ولا بسبب احتمال النسيان.
{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ} أي في ذلك اليوم يعرض العباد على الله لحسابهم، فلا يخفى على الله سبحانه من ذواتكم وأقوالكم وأفعالكم وأموركم خافية كائنة ما كانت، فهو يعلم السرّ وأخفى، ويعلم بالظواهر والسرائر والضمائر، وتعرضون على من لا يخفى عليه شيء أصلا، ليكتمل سرور المؤمنين ويعظم توبيخ المذنبين.
والعرض: عبارة عن المحاسبة والمساءلة، شبه ذلك بعرض السلطان