هؤلاء، ولن يعجزنا شيء، وما نحن بمغلوبين إن أردنا ذلك، بل نفعل ما أردنا، لكن اقتضت مشيئتنا وحكمتنا تأخير عقابهم.
وهذا دليل على كمال قدرته تعالى على الإيجاد والإعدام مؤكدا بالقسم، وأنه لا يعجزه شيء من الممكنات. وهو تهكم بهم وتنبيه على تناقض كلامهم، حيث إنهم ينكرون البعث، ثم يطمعون في دخول الجنة، وهم يعترفون بأن الله خالق السموات والأرض وخالقهم مما يعلمون، ثم لا يؤمنون بأنه قادر على خلقهم مرة ثانية.
ثم أمر الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالإعراض عنهم حتى يوم البعث زيادة في التهديد، فقال:
{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا، حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} أي اتركهم يا محمد يتحدثون في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم، ويعاندوا في تكذيبهم وكفرهم وإنكارهم يوم البعث، حتى يلقوا يوم القيامة وما فيه من أهوال، ويذوقوا وباله، ويجازوا بما عملوا.
ومن أحوالهم في هذا اليوم:
- {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً، كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} أي اذكر يوم يقومون من القبور بدعوة الرب تبارك وتعالى لموقف الحساب، مسرعين، متسابقين، كأنهم في إسراعهم إلى الموقف، كما كانوا في الدنيا يهرولون أو يسرعون إلى شيء منصوب، علم أو راية، والمراد بالنصب هنا: كل ما ينصب فيعبد من دون الله سبحانه. وقوله:{يُوفِضُونَ}: يسرعون ويتسابقون إليه.
- {خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ، ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ} أي وتكون أبصارهم ذليلة كسيرة، وتغشاهم المذلة الشديدة، لهول العذاب الذي