ويلاحظ أن الخلق مجبولون على محبة الخيرات العاجلة، لذا أطمعهم نوح بالخيرات في هذه الآية، وقال تعالى:{وَأُخْرى تُحِبُّونَها: نَصْرٌ مِنَ اللهِ، وَفَتْحٌ قَرِيبٌ}[الصف ١٣/ ٦١].
٦ - آية الاستغفار هذه دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار. قال الشعبي: خرج عمر يستسقي، فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا، فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت بمجاديح (١) السماء التي يستنزل بها المطر؛ ثم قرأ:{اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ، إِنَّهُ كانَ غَفّاراً، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}.
٧ - رغّبهم نوح بالعباد والطاعة، فقال: ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أحدكم بالعقوبة؟ أي فلا عذر لكم في ترك الخوف من الله، وقد جعل لكم في أنفسكم آية دالة على توحيده. ثم هددهم ووبخهم بالعذاب إن أعروضا عن دعوته، ثم استدل على وجود الله ووجوب طاعته بما يأتي.
٨ - أقام نوح عليه السالم الدليل على وجود الله وتوحيده وقدرته وعظمته بالنظر في النفس البشرية، والعالم العلوي من السموات والشموس والأقمار، والعالم السفلي من التذكير بكنوز الأرض وخيراتها من معادن ونباتات وحيوانات.
فالله سبحانه هو الذي خلق الإنسان في الأصل من التراب، ثم جعل سبب بقاء نوع الإنسان بالتزاوج والتوالد، والعناية بالإنسان في أطوار حياته.
(١) المجاديح: جمع مجدح: وهو نجم من النجوم، وهو عند العرب من الأنواء الدالة على المطر، فجعل الاستغفار مشبها بالأنواء مخاطبة لهم بما يعرفونه، لا قولا بالأنواء. وجاء بلفظ الجمع ليشمل جميع الأنواء التي يزعمون أن من شأنها المطر.