وجهالهم كانوا قبل إسلامهم يقولون قولا متجاوزا الحدّ، بعيدا عن الصواب، غاليا في الكفر، فهم يكذبون على الله بدعوى الصاحبة والولد وغير ذلك.
والشطط: مجاوزة الحد في الظلم والكفر وغيره من الباطل والزور.
٤ - {وَأَنّا ظَنَنّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً} أي وأنا حسبنا أن الإنس والجن كانوا لا يكذبون على الله، حينما قالوا بأن له شريكا وصاحبة وولدا، فصدقناهم في ذلك، فلما سمعنا القرآن علمنا بطلان قولهم وبطلان ما كنا نظنه بهم من الصدق، وعرفنا أنهم كانوا كاذبين.
وهذا-كما ذكر الرازي-إقرار منهم بأنهم إنما وقعوا في تلك الجهالات بسبب التقليد، وأنهم إنما تخلصوا منها بالاستدلال والاحتجاج.
٥ - {وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً} أي كنا نرى أن لهم فضلا علينا، فكان بعض الإنس يستعيذ في القفار ببعض الجن، فزادوا رجال الجن طغيانا وسفها وغيّا وضلالا وإثما. وذلك أنه كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال: أعوذ بسيّد هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه، فيبيت في جواره حتى يصبح. وقد أدى هذا إلى اجتراء الجن على الإنس وظلمهم.
٦ - {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً} أي وأن الإنس ظنوا كما ظننتم أيها الجن أنه لا بعث ولا جزاء، أو أنه لن يبعث الله بعد هذه المدة رسولا يدعو إلى التوحيد والإيمان بالله ورسله واليوم الآخر.